السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختلاف التوقيت والنوم


يسافر البعض إلى أماكن بعيدة تبعد عن بلادنا ومنطقتنا آلاف الكيلومترات
شرقا أو غربا. وقد يعاني بعض المسافرين إلى مناطق بعيدة في الأيام الأولى
من وصولهم إلى وجهة سفرهم من اضطرابات في النوم أو اضطرابات عضوية أخرى
نتيجة للتغير المفاجئ في التوقيت أو ما يعرف بالجت لاق (Jet Lag).

ماذا يعني اختلاف التوقيت؟

اختلاف التوقيت بسبب السفر ينتج عن السفر السريع (كالسفر بالطائرة) عبر
عدة نطاقات زمنية، كالسفر من السعودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو
العكس (السفر باتجاه الغرب أو الشرق).


ما هي أعراض اختلاف التوقيت؟

يتسبب اختلاف التوقيت في أعراض مختلفة تبدأ بالظهور خلال اليوم الأول أو
الثاني من السفر عبر نطاقات زمنية متعددة (على الأقل نطاقان زمنيان).
وتعزى الأعراض المصاحبة لاختلاف التوقيت إلى التغير الحاد الذي يطرأ على
الإيقاع اليومي أو الساعة الحيوية في الجسم، حيث يجب على الشخص الاستيقاظ
عندما يطلب جسمه النوم، والنوم عندما يطلب جسمه الاستيقاظ. فعلى سبيل
المثال، فرق التوقيت بين الرياض ونيويورك حوالي ثمان ساعات. فإذا سافر شخص
من الرياض إلى نيويورك ووصل نيويورك في الصباح الباكر فإن ساعته الحيوية
ستخبره أن الوقت هو وقت الظهر (حسب التوقيت الذي اعتاد عليه). وإذا كان
ذلك الشخص معتاد على القيلولة في ذلك الوقت فإنه سيشعر بالخمول في ذلك
الوقت. وعندما تكون الساعة الثالثة عصرا في نيويورك فإن ساعته الحيوية
ستخبره أن ذلك هو وقت نومه (الساعة الحادية عشرة ليلا) وهكذا.


وقد يشكو الأشخاص المسافرون لمسافات طويلة من الأعراض التالية:

الأرق، النعاس في الأوقات التي تتطلب الاستيقاظ، قلة النشاط خلال النهار،
آلام في الجسم، الصداع، تعكر المزاج، نقص في الشهية، آلام في المعدة
وحموضة، اضطراب الجهاز الهضمي، زيادة التبول أثناء الليل.

كيف يمكن تجنب هذه الأعراض أثناء السفر؟



في الوقت الحاضر لا توجد أي استراتيجية أو أسلوب علاجي يمكنه التخلص من
مشكلة اختلاف التوقيت بصورة فاعلة ودائمة. ولكن هناك بعض النصائح السلوكية
التي قد تساعد على سرعة التأقلم مع اختلاف التوقيت في جهة السفر، وتساعد
في تخفيف أعراض اختلاف التوقيت:

ê ُُُأن أمكن حاول تغيير وقت نومك واستيقاظك عدة أيام (يومين أو ثلاثة)
قبل سفرك ليتناسب مع وقت النوم والاستيقاظ في وجهة سفرك.فإذا كنت
مسافراً باتجاه الغرب، حاول تأخير مواعيد نومك واستيقاظك تدريجيا
(بمعدل ساعة يوميا)ً. أما إذا كنت مسافرا باتجاه الشرق فحاول تقديم
موعد استيقاظك ونومك تدريجيا.

ê عند الصعود إلى الطائرة، قم بتعديل عقارب ساعتك إلى توقيت جهة
سفرك. وإذا أمكن قم بذلك التعديل يوم أو يومين قبل موعد سفرك لأن
ذلك يساعد على سرعة التكيف مع التوقيت الجديد.

ê قم بتمرين العضلات وأنت في مقعدك حتى تتجنب آلام وشد العضلات.

ê حاول المشي في الطائرة لتنشيط
العضلات عدة مرات خلال الرحلة.

ê تجنب المنبهات كالشاي والقهوة وكذلك
الكحوليات أثناء الرحلة.

ê حاول شرب كميات جيدة من الماء
خلال الرحلة حيث أن بيئة الطائرة
تؤدي إلى الجفاف.

ê إذا كانت رحلتك ستصل إلى وجهة
سفرك في النهار، حاول النوم خلال
الرحلة حتى تصل نشيطا. إما إذا كانت
رحلتك ستصل ليلا،
فحاول التقليل من النوم بالطائرة حتى تستطيع النوم عند وصولك.
ê في الأيام الأولى، تجنب الوجبات الثقيلة في الأوقات التي لا تتناسب مع
مواعيد أكلك في موطنك حتى تتوافق الساعة الحيوية في جسمك
مع التوقيت الجديد، فقد أوضحت إحدى الدراسات أن ذلك قد يؤدي
إلى الاختلال في إفراز بعض الهرمونات كالأنسولين وزيادة مفاجئة في
مستوى الجلوكوز والدهنيات.

ê تجنب الوجبات الثقيلة قبل وقت النوم لأن ذلك يؤدي إلى سوء في
نوعية وجودة النوم.

ê الكثير من المسافرين يذهبون للنوم حال وصولهم إلى جهة سفرهم
بسبب الإجهاد، حتى وإن لم يكن وقت النوم مناسباً، مما ينتج عنه عدم
القدرة على النوم عند حلول الليل. لذلك وإن كان ولا بد من النوم بعد
الوصول من السفر؛ فإنه يجب أن يكون وقت النوم قصيراً ولا يزيد عن
ساعتين، حتى تتمكن من النوم لاحقاً.

ê تجنب التمارين المجهدة قبل وقت النوم.

ê حمام دافئ قد يساعد على استعادة الجسم حيويته وانتظام النوم.

ê ضوء النهار هو العامل الأساسي الذي يؤدي إلى تنظيم الساعة الحيوية
في أجسامنا، لذلك حاول التعرض للضوء في الأوقات المناسبة وتجنبها
في الأوقات غير المناسبة. وتوقيت التعرض للضوء يعتمد على وجهة
السفر شرقا كان أم غربا. وتفصيل ذلك يطول ولكن ببساطة ينصح
المسافرون غربا بقضاء بعض الوقت في ضوء الشمس وقت العصر (آخر
اليوم) لأن ذلك يؤدي إلى تأخير الإيقاع اليومي للجسم والمسافرون شرقا
بقضاء بعض الوقت في ضوء الشمس وقت شروق الشمس حيث يؤدي
ذلك إلى تقديم الإيقاع اليومي للجسم.

ê ربما تكون قد سمعت عن أو استخدمت بعض العقاقير المنومة خلال سفرك
لتساعدك على التغلب على مشكلة اختلاف التوقيت. من هذه العقاقير عقار
الميلاتونين الذي حظي بشهرة واسعة بين الناس. وعقار الميلاتونين الموجود
بالأسواق صناعي ولكن مادة الميلاتونين في الأصل عبارة عن هرمون يفرز
من الغدة الصنوبرية في المخ في جسم الإنسان وهو يساعد على تنظيم
الإيقاع اليومي للجسم وتهيئته للنوم حيث يزيد إفراز الهرمون بالليل ويقل
بالنهار. وهناك دراسات قليلة أظهرت أن عقار الميلاتونين قد يساعد على
تخفيف أعراض اختلاف التوقيت (Jet Lag). ويمكن القول أن تأثير عقار
الميلاتونين معاكس تماما لتأثير التعرض للضوء. وتوقيت أخذ الميلاتونين مهم
جدا لتعديل الساعة الحيوية في الجسم. وبصورة عامة ومبسطة، يمكن القول
أن أخذ عقار الميلاتونين آخر اليوم (وقت المساء) يساعد على تقديم الساعة
الحيوية في الجسم وينصح به للمسافرين شرقا، وأخذ العقار أول اليوم
(الصباح) يساعد على تأخير الساعة الحيوية في الجسم وينصح به للمسافرين
غربا. بقي أن تعرف أن أغلب عقاقير الميلاتونين الموجودة في الغرب Over the Counter) لا يعرف مدى نقاء المادة الطبية فيها وخلوها من ا
لشوائب حيث أن الجهة المختصة في الولايات المتحدة الأمريكية (FDA)
صرحت باستخدام هذه المادة كمادة غذائية(Food Additive). لذلك فإن كثير
من عقاقير الميلاتونين التي تباع في الأسواق لا تخضع للفحوصات والاختبارات
الطبية التي تجري على الأدوية والعقاقير الطبية التي يصرح باستخدامها كأدوية
طبية. كما أن الآثار الجانبية طويلة المدى للعقار غير معروفة بعد. وقد
أظهرت دراسة أجريت في مايو كلينك وجود شوائب في بعض عقارات
الميلاتونين الموجودة في الولايات المتحدة. أونصيحتي للقارئ الكريم بعدم
استخدام أي عقار بما في ذلك الميلاتونين حتى يراجع طبيبه.

ê وأخيراً، إذا كنت مسافراً في رحلة عمل، حاول ترتيب مواعيد اللقاءات
المهمة بحيث تكون في الوقت الذي يكون فيه جسمك في قمة نشاطه



مع تمنياتي لكم بسفر سعيد وعودا محمود

تحياتي