فراشه بلا اجنحه
عدد المساهمات : 536 نقاط : 28172 تاريخ التسجيل : 15/11/2009
| موضوع: تحية رمضان الإثنين يوليو 26, 2010 5:11 pm | |
| تحية رمضان الحمد لله إذ بلّغنا رمضان غير سقماء ولا محرومين، ولا مرتدين عن ديننا ولا مغيرين ولا مبدلين، نحمده بأن كنا عبيداً مملوكين له، له الحجة علينا ولا حجة عليه، لا نقدر أن نأخذ إلا ما أعطانا، ولا أن نتقي إلا ما وقانا، نحمده على آلائه كما نحمده على بلائه، له الحمد كالذي يقول، ومثل ما يقول وخيراً مما نقول، له الحمد كله ويبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله، له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه المصير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين أما بعد:
لقد جاءكم شهر رمضان محيياً بتحايا، تضفي إليه من الجلال جلالاً، ومن البهاء بهاءً، أتاكم رمضان يحمل الجوع والعطش، ترى الطعام أمامك تشتهيه نفسُك، تصلُ إليه يدكُ، ولكنك لا تستطيع أن تأكله، ويُلهبُ الظمأ جوفك، والماءُ من حولك، لا تقدر على الارتواء منه، ويأخذ النعاس بلبك ويداعبُ النوم جفنيك، ويأتي رمضان ليوقظك لسحورك، إنها ترادف حلقات الصبر والمصابرة، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: « الصوم نصف الصبر » [رواه الترمذي، وقال حديث حسن].
فيا سُعد الصائم، كيف ينال الأجر في ظمئه وجوعه عند من لا يظلم مثقال ذرة: { ذلك بأنَّهم لا يصيبهم ظمأٌ ولا نصبٌ ولا مخمصةٌ في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكُفَّار ولا ينالون من عَدُوٍّ نَّيلاً إلا كُتِبَ لهم به عملٌ صالح إنَّ الله لا يضيع أجر المحسنين } [التوبة:120].
لقد جاء رمضان، لينيب الناس فيه إلى ربهم، ويؤمُّوا بيوته، ليعمروها بالتراويح والذكر، تمتلىء بهم المساجد، متعبدين أو متعلمين، والمساجدُ في الأقطار، حفَّلٌ بالعباد صفاً واحداً، متراصة أقدامهم وجباههم على الأرض، سواء الغني والفقير، والوضيع والغطريف، الصعلوك والوزير والأمير، يذلون لله فيعطيهم الله بهذه الذلة عزة على الناس كلهم، إن حَسُن القصد واستُصوب العمل، ولا غرو أيها المسلمون، إن من ذلّ لله أعزّه الله، ومن كان لله عبداً مطيعاً جعله الله بين الناس سيداً، ومن كان مع الله تبارك وتعالى باتباع شرعه والوقوف عند أمره ونهيه كان الله معه بالنصرة والتوفيق والغفران. وبذلك عباد الله ساد أجدادُنا الناس، وحازوا المجد من أطرافه، وأقاموا دولة ما عرف التاريخ أنبل منها ولا أفضل، ولا أكرم ولا أعدل، فماذا بعد الحق إلا الضلال، نعم، لم يكونوا خواء، بل إنهم يُذكرون إذا ذُكر رمضان، ويُذكر رمضان إذا ذُكروا، فيه نُزل القرآن على سيد البشر صلى الله عليه وسلم وهو لعمر الله حياة الناس عند الموت، ونورهم عند الظلمة.
شهر الانتصارات والفتوحات: وفي رمضان نصر الله تبارك وتعالى المؤمنين ببدر وهم أذلة، وسماه يوم الفرقان يوم التقى الجمعان، وفي رمضان فُتحت مكة لنبينا صلى الله عليه وسلم فطهرها من وساوس الوثنية، وأزاح منها كل قوى التقهقر والشرك، وفي رمضان يفتح الله تعالى على خالد بن الوليد في اليرموك وعلى سعد في القادسية، وعلى طارق بن زياد في الأندلس عند نهر لكة، وعلى الملك قطز والظاهر بيبرس ضد جحافل التتار فقُطع دابر القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين، وكذا حطين وجلولاء، ورمضان فيه وفيه وفيه، هذا هو رمضان الذي يجمع للصائم صحة الجسم وعلو الروح، وعظمة النفس ورضاء الله قبل كل شيء وبعده.
شهر الحب والوئام: رمضان أيها الناس شهر الحب والوئام فكونوا فيه أوسع صدراً، وأندى لساناً وأبعد عن المخاصمة والشر، وإذا رأيتم من أهليكم زلةً فيه فاحتملوها، وإن وجدتم فُرجةً فسدوها واصبروا عليها، وإن بدأكم أحد بالخصام فلا تقابلوه بمثله، بل ليقل أحدكم: إني صائم، وإلا فكيف يرجو من يمقت ذلك ن يكون له ثواب الصائمين، وهو قد صام عن الطعام الحلال، وأفطر على ما سواه من الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجةً في أن يدع طعامه وشرابه » [رواه البخاري].
وإن امرأتين صامتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكادتا أن تموتان من العطش فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأعرض ثم ذُكرتا له فدعاهما فأمرهما أن يتقيأ فقاءتا ملء قدح قيحاً وصديداً ولحماً عبيطاً، فقال النبي صلى الله علبيه وسلم: « إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس » [رواه الإمام أحمد]. فلا إله إلا الله ما أعظم هذا الجرم، ولا إله إلا الله ما أعظمه من انتهاك لحرمة الشهر، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
الناس في رمضان: الناس في رمضان أشتات غير متفقين عن اليمين وعن الشمال عزين، فمن الناس من لا يرى في رمضان أكثر من كونه حرماناً لا فائدة منه، وتقليداً تعبدياً، لا مبرر له، فهم عازمون على الإفطار فيه، مجاهرين بذلك أو مسرين، فهؤلاء حمقى كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً، وظنوا أن في الصوم كبتاً للحرية، التي تعني بداهة: انطلاق المرء المحموم وراء أهوائه وشهواته، يُعبُّ منها دون حد أو قيد، كلا عباد الله فإن هذه حريةٌ مغشوشة، وما هي إلا الفوضى أولاً، والعبودية الذليلة للجسد آخراً.
والحق عباد الله أن الحرية المادية هي تمام العبودية، وتحقيق العبودية لله وحده هي تمام الحرية والمسلم الصادق عباد الله إنما هو حُرُّ الروح ولو أطبقت عليه الجدران، أو عاش في أرض قفر، هو حرٌّ ولو كُبِّل بالحديد وجلد بالسياط، وهذه لعمر الله هي الحرية الحقة، التي تليق بكرامة بني آدم، وأين منها حرية الأشباح والجسوم الخاوية: { أفَمَن شرح الله صدره للإسلام فهو على نورٍ من ربه فويلٌ للقاسية قلوبهم مِّن ذكر الله أولئك في ضلالٍ مُّبين } [الزمر:22].
| |
|
عين الحياة
عدد المساهمات : 2042 نقاط : 31197 تاريخ التسجيل : 15/11/2009 العمر : 40
| |
عاشقه المنتدى
عدد المساهمات : 3280 نقاط : 33750 تاريخ التسجيل : 28/10/2009 العمر : 36
| موضوع: رد: تحية رمضان الجمعة مارس 02, 2012 8:06 am | |
| | |
|