صفـــــة الغســـــل الكامـــــل للرجــــل والمــــرأة!
السؤال: تسأل امرأة عن صفة الاغتسال الثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم ، و هل يلزمها أن تنقض شعر رأسها لذلك ؟
الإجابة: ذكر العلماء أن الاغتسال منه ما هو غسل كامل، اجتمعت فيه جميع الأشياء الواجبة والمستحبة، وانتفى منه كل ما ينقصه، ومنه ما هو غسل مجزئ فقط. فأما صفة الغسل الكامل فهو أن يبدأ الإنسان - إذا أراد الاغتسال- أولاً بالتســمية، فيقــول: بسم اللَّـه، لا يقـــوم غـــيرها مقامها. والتسمية واجبة في الغسل والوضوء والتيمم؛ لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم اللَّـه عليه» . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه . وتسقط إن سها عنها فلم يذكرها، وإن ذكرها في أثنائه سمى ، وبنى على ما مضى. فإن ترك التسمية عمدًا لم يصح غسله، ولا وضوءه، ولا تيممه .
ثم يغسل يديه ثلاثًا، مثل ما يفعل عند الوضوء بل هنا آكد ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم غسل كفيه مرتين، أو ثلاثًا، كما في حديث ميمونة. رواه الجماعة . ويكون غسلهما قبل إدخالهما الإناء،
ثم يستنجي، ويغسل ما قد يكون على جسمه من شيء يلوثه، ثم يستعمل شيئًا يزيل به ما علق بيده من آثار الاستنجاء ؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يضرب بيده الأرض أو الحائط بعد الاستنجاء ؛ ليزيل ما علق بها، كما في حديث ميمونة. وما يستعمله الناس الآن من صابون ونحوه كافٍ في ذلك.
ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ؛ لحديث عائشة عند البخاري ومسلم
ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات من الماء، يروي بها أصول
شعره؛لحديث ميمونة في صفة غسله صلى الله عليه و سلم ، قالت: وأفرغ على رأسه ثلاث حثيات. ولحديث عائشة: ثم يأخذ الماء، فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حثا على رأسه ثلاث حفنات، فإذا خلل شعر رأسه وتيقن أن الماء قد وصل إلى البشرة أفاض الماء على رأسه وبقية جسده ثلاثًا ؛ يـبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطُهوره وفي شأنه كله. ويدلك بدنه بيديه استحبابًا ؛ لأنه أنقى، وليتيقن وصول الماء إلى مغابنه، وخروجًا من الخلاف، وإلا فليس بواجب. قال في «الشرح الكبير»: يستحب إمرار يده على جسده في الغسل والوضوء. اهـ. ويحرك خاتمه؛ ليصل الماء إلى ما تحته، ولا يجب إذا غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده. ويتـفـقـد غضاريف أذنيه، وتحت حلقه، وإبطيه، وعمق سرته وطي ركبته، ويكفي غلبة الظن في الإسباغ. ثم يتحول من موضعه؛ ليغسل قدميه في مكان آخر. وقيل: إن كان في حمام مبلط لا تراب فيه ولا طين فلا داعي لتحوله لغسل رجليه. وإن أخر غسل رجليه حينما توضأ الوضوء المذكور سابقًا فغسلهما بعد انتهائه من الغسل فلا بأس؛ لحديث ميمونة. رواه الجماعة. والترتيب في الغسل غير واجب، وكــذا الموالاة، بل هما سنة، بخلاف الوضوء، فإنهما من فروضه؛ فلو قدم جانبًا من بدنه قبل الآخر فغسله صحيح، إلا أنه ينبغي له أن يبدأ بالجانب الأيمن. وكذا الموالاة، فلو غســـل بعض بـــدنه وتــرك البعض الآخر ولم يغسله إلا بعد مدة طويلة أو قصيرة فغسله صحيح. ويسن للحائض والنفساء أن تستعمل السدر ونحوه لغسلها؛ لحديث عائشة أن النبي صلى الله عـليه وسلم قال لها: « إذا كنت حائضًا فخذي مـاءك و سـدرك وامتشطي». وقال صلى الله عليه وسلم لأسماء: «تأخذ إحداكن ماءها و ســدرتها فتطهــر» . رواه مســـلم ومثله ما يستعمله النساء الآن من شامبو ونحوه ؛ لأن القصد التنظيف. وأما شعر الرأس فتنقضه الحائض لغسل الحيض دون الغسل من الجنابة، إذا روت أصول الشعر؛ لحديث عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها -وكانت حائضًا-: انقضي شعرك، واغتسلي» ، رواه ابن ماجه بإسناد صحيح. وما رواه أحمد ومسلم عنها أنه بلغها عن ابن عمر أنه يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، فقالت: يا عجبًا لابن عمر هذا، يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، أوَ ما يأمرهن أن يحلقن رءوسهن! لقد كنت أغتسل أنا و رسول اللَّـه صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، ما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات. فأخذ العلماء من هذا أنها تنقضه لغسل الحيض والنفاس دون الجنابة. ويسن للحائض أن تأخذ قطنة، أو خرقة فيها مسك، أو طيب فتجعلها في محل الحيض؛ لقطع الرائحة، ولقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء لما سألته عن غسل الحيض: «ثم تأخذ فِرْصة مُمَسَّكَة، فَـتَطَهَّرُ بها» . رواه مسلم . إلا أن تكون محرمة ؛ لأن المحْرمة بحج أو عمرة ممنوعة من الطيب. ولا يجوز الإسراف في الماء ؛ لحديث أنس - رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عـليه وسلم يغـتسل بالصاع إلى خـمسة أمداد، و يتوضأ بـالمد. متـفق عليه واللَّـه أعلم.