لَمَّا كانت الذنوب أحد أسباب تأخير إجابة الدعاء ، كان لِزَامًا على الداعي أن يُنظِّف " طُرُق الإجابة مِن أوساخ المعاصي" .
ولَمّا كان الصيام مِن أسباب مغفرة الذنوب ، كان للصائم دعوة لا تُرَدّ .
ففي الصحيحين مِن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
فالصيام مِن أسباب تنظيف طُرُق الإجابة .
وفي الحديث : ثلاثة لا تُرَدّ دَعوتهم - وذَكَر منهم - : الصائم حَـتَّى يُفْطِر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان ، وقال شعيب الأرنؤوط : صحيح بطرقه وشواهده .
وهذا يعني أن الصيام مِن أسباب إجابة الدعاء .
وفي رواية للترمذي وابن حبان : ثلاثة لا تُرَدّ دَعوتهم - وذَكَر منهم - : الصائم حِينَ يُفْطِر .
وفي حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ . رواه ابن ماجه . ويَشْهَد له حديث أبي هريرة السابق .
فالصائم مُستجاب الدعاء ، وذلك لأمور :
الأول : أن الصائم في فريضة . والْمُتقَرِّب بالفريضة أحبّ إلى الله وأقرب .
وكان السلف يستحبّون أن يكون الدعاء في الفريضة .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : احملوا حوائجكم على المكتوبة . رواه عبد الرزاق .
وعند ابن أبي شيبة : اُدْعُوا فِي صَلاَتِكُمْ بِأَهَمِّ حَوَائِجِكُمْ إلَيْكُمْ .
وقال عمرو بن دينار : ما مِن صلاة أحب إليّ مِن أن أدعو فيها حاجتي مِن المكتوبة .
وروى ابن أبي شيبة عن عَوْنٍ بن عبد الله قَالَ : اجْعَلُوا حَوَائِجَكُمَ الَّتِي تَهُمُّكُمْ فِي الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ .
فإذا دعا الصائم حال صيامه كان أحرى للإجابة ؛ لأنه في فريضة .
الثاني : أن العامل يُعْطَى أجْره عند نهاية عَمَلِه ؛ فالصائم يَنتهي يَومه بإفطاره عند الغروب ، فَنَاسَب أن تكون له دعوة مُستجابة عند فِطْرِه .
الثالث : أن الصيام يُضيِّق مجاري الشيطان ، فتسمو النفس وتَخْلص فـ تُخْلِص ، فيكون أقرب إلى الإجابة .
الرابع : شِدّة الافتقار مع الجوع والعطش ، إذ أن الشِّبَع يَبْعَث عادَة على الغَفْلَة والأشَر .
قال سَهل بن عبد الله : البِطْنَة أصل الغَفْلَة .
وكُلّما ضَعُف الإنسان كان افتقاره إلى الله أقوى وأصْدَق